تشد رحالك لتسافر فتفطر كبد والدتك وتنزف افئدة احبابك الما وكمدا وتسيل عيونهم حزنا وشجنا ... تستقطع تلك اللحظات من اعمارهم اسوا حالات الاكتتاب وافزعها .. تشد رحالك فتسافر لتترك زوجتك وهي تعانق ربيع عمرها ثم تعود بعد اعوام قضيتها في الغربة لتجدها وهي تصارع خريف عمرها .. تحط رحالك في بلاد الغربة فتتزوق من الايام مرارتها ومن الحياة حنظلها ومن اللحظات علقمها فلا جليس ولا انيس .. تبتعد هناك في بلاد الغربة فيفتقد ابناءك توجيهاتك وتاديبك وتعليمك فيواجهون الحياة بلا توجية ولا تاديب ولا حتي تعليم ويجدون انفسهم فجاة امام فراغ تربوي ربما يجرهم الي خندف الضياع ليغتالهم علي حين غرة .. تسكن هناك في الغربة فتزرع ارضا ليس ارضك وتربي ابناء ليسوا باهلك وتبني حضارة في دار ليس دارك وتستمر الاعوام وتجري سريعا فتفاجئك الايام بنبا موت عزيز او اخ او قريب كانت جل امانية ان يراك فكان الموت لة بالمرصاد فيموت قبل ان تراة او يراك ويدفن في قبرة دون ان تلقي علية نظرة او حتي لمحة فلا وداع ولا سلام وتستمر الاعوام تغرس انيابها الحادة في تقاطيع جسمك وجسدك لتعود وقد خط الشيب بين جنبيك واستوي لونة علي شعرك وحاجبيك فلا انت تستمتع بما تبقي لك من عمر ولا انت كافات نفسك بما انجزت من جهد .. تغادر ايها المسافر ارضك فتفقد هناك (طبطبة) الام الحانية وعناق الزوجة الناعمة فتتزكر حينها ان اموال الدنيا باسرها لا تساوي قبلة تضعها فوق راس والدتك او علي حبين طفلتك .. تحط رحالك ايها الراحل في بلاد الغرباء فتصطدم ثقافتك بثقافتهم وعاداتك بعاداتهم فتعيش تلك الايام وانت تتلظي بنار الصراع الاجتماعي والثقافي فتكون امام خيارين لا ثالث لهما وهو اما ان تكسب ذاتك وتخسر ملزاتك او ان تكسب ملزاتك وتخسر ذاتك .. وتدورالايام وتمضي الاشهر والاعوام ليفتقدك اهلك عند كل مناسبة ويبحثون عنك لتشاركهم فرحا لكن نظراتهم بالتاكيد ستعود مطعونة وبحثون عنك لتشاركهم ترحا ، لكن انفاسهم بلا شك سترجع مطرودة فلا انت معهم في الافراح ولا انت بينهم في الاتراح ....
قال رجل لزوجتة وهو مسافر:-
عدي السنين لغيبتي وتصبري ودعي الشهور فانهن قصار
فاجابتة منشدة:-
فاذكر صبابتنا اليك وشوقنا وارحم بناتك انهن صغار